Sunday, July 27, 2008

بسببه..


أكيد شئ مؤسف انى بعد الغياب الطويل ده عن المدونة أرجع بتدوينة اتكلم فيها عن يوسف شاهين فى يوم وفاته، كأنى بانعيه، الحقيقة انا ماكنش عندى أدنى رغبة فى الكتابة عن أى شئ، وحتى خبر وفاته لما عرفته الصبح ماهزنيش قوى، ماكنش غايب عن حد ان يوسف شاهين بيحتضر، ويمكن عشان كده ماتصدمتش ولا اتهزيت لما عرفت الخبر الصبح، بس بعد شوية اتنبهت فجأة على حاجة كانت غايبة عنى، وهى ان فى احتمال لو ان يوسف شاهين ماكنش اتوجد فى حياتى كان زمانى دلوقتى بأفكر فى أى حاجة تانية غير السينما.
صحيح انا من صغرى غاوى أفلام، اتفرج واتخيل وأعيش مع الأبطال، لكن اللى حببنى فى السينما بالذات كانت أفلام يوسف شاهين، يمكن لأنى حسيت انه الوحيد الصادق فى أفلامه، يعنى لما تتفرج على فيلم ليه، وترجع تشوفه هو نفسه فى لقاء تليفزيونى مثلاً تلاقى ان الفيلم هو نفسه يوسف شاهين، مش جزء منه، ومش مجرد فكرة مؤمن بيها أو بيدعى انه مؤمن بيها زى بعضهم إنما ده هو بذاته، يعنى يوسف شاهين هو بابا أمين وهو اسكندرية ليه وهو اليوم السادس... إلخ، اللى باقوله ده مش تحليل أو نقد، ده مجرد تذكر لانطباع قديم أخدته عن يوسف شاهين وأفلامه لما شفتها لأول مرة فى حياتى، وخلتنى أبدأ اهتم بانى أعرف يعنى ايه مخرج، وإيه دوره فى العمل السينمائي، وايه الفرق بين مخرج والتانى، بسببه ابتديت اهتم بإنى ماكتفيش بالفرجة على الفيلم انما ادخل جوا كل تفصيلة فيه وأحاول أفهمها، بسببه جت أول محاولة ليا عشان أكتب فيلم، بسببه جت أول محاولة ليا عشان أكتب نقد، وبسببه حتى قريت عن حاجات كتير ماكنتش اتخيل انى اقرا عنها، ده انا قريت كتب لابن رشد بسببه.
يمكن مع مرور السنين ابتديت أعرف ايه المدارس السينمائية، وسعيت انى أصنف المخرجين اللى أعرفهم داخل المدارس دى، ومع الوقت عرفت ان السينما اللى باحبها وباميل ليها بشكل شخصي بعيدة عن أفلام يوسف شاهين، لكن بالرغم من كده لسه أفلامه جوايا جزء منى مش قادر أنساه أو ابعده عن نفسي، مش قادر كل ما آجى أفكر فى مشهد أو لقطة من أى فيلم لحد غيره انى ماقارنهاش باللى كان بيعمله مع ان مفيش اى وجه للمقارنة....
مش حأقدر أنسي نور الشريف فى حدوتة مصرية لما كان بيقول انه مش مسلواتى وخلانى أعرف انى انا كمان لازم مابقاش مسلواتى، مش حأقدر أنسي الألم اللى كنت باحسه لما بيطلق المجاميع عشان تعترض على قرار التنحى فى فيلم العصفور وايه معنى انك تشتم واحد من كتر ما بتحبه، مش حأقدر أنسي الفرحة المريضة وهو بيزعق بعلو صوته "كات.. قفشناها" فى فيلم اسكندرية كمان وكمان، مش حأقدر أنسي أكبر مراية شفتها فى حياتى واللى اسمها عودة الابن الضال لما شفت فيها أبويا وشفت أهلى وشفت الشارع بتاعنا وحتى شفت نفسي، مش حأقدر أنسي أيام ماكنت فى اعدادى وكانوا بيشحنونا فى المدرسة بشحنات كراهية عمياء للآخر أياً كان، ولليهود بشكل خاص، ومع ذلك ماقدرتش امنع نفسي من البكا فى المشهد اللى كان يوسف وهبى بيودع فيه اسكندرية فى فيلم إسكندرية ليه... آه كنت حانسي حاجة، حتى حبى لاسكندرية اللى اعتبرها ألذ مكان فى فيلم اليوم السادس... كان برضه بسببه.
-----------------------------------------------------------------
ع الهامش: كنت دايماً باسمع مثل بيقول ان المتشائم عمره ما بيصدم، وعمرى ما حسيت ان المثل ده صح لأنى كنت طول عمرى متفائل، بس فى الفترة الأخيرة مابقتش متفائل ولا حتى متشائم، بقيت لا مبالى، وطبيعي أكون كده إذا لقيت ان اللى مابيتعبش ومابيجتهدش بياخد مكان اللى بيتعب ويجتهد، طيب يبقى ليه أصلا اتعب نفسى واجتهد فى أى حاجة، بس المشكلة انى برضه ماعرفش شغل السرقة والكروتة، وبالتالى فأفضل شئ انى أكون لا مبالى، مش كده؟!!

أحمد بدوى