Wednesday, December 19, 2007

The Godfather Trilogy

أعلم أنى سبق وحاولت تناول ثلاثية العراب قبل ذلك منذ حوالى عام،
وحاولت تناول الثلاثية من وجهة نظر معينة ولكنها لم تكن قد اكتملت بجميع عناصرها، وبعد مرور هذا العام لا أستطيع الزعم بأن وجهة النظر تلك قد اكتملت، ولكني أفترض أنها ازدادت عمقاً.

The Godfather Trilogy



هل يمكن فصل ذات الفنان عن عمله الفنى؟ سؤال فلسفى ليس هنا المجال لمحاولة الاجابة عنه، ولكن يهمنا أن هناك الكثير من الفنانين تظهر ذواتهم في أعمالهم الفنية بشكل واضح، وعلى اعتبار أن السينما فن فهذا يندرج عليها أيضاً، وهناك درجات للتعبير عن الذات، فهناك من يعبر عنها مباشرة فيما يطلق عليه أفلام السير الذاتية مثل فيلم ثمانية ونصف للمخرج الإيطالى فيدريكو فيللينى، وهناك من يعبر عن ذاته بشكل غير مباشر عندما يتعرض لأفكار أو مبادئ يؤمن بها كما فعل المخرج الإيطالى أيضاً مايكل أنجلو أنطونيونى في فيلم الانفجار، وهناك من يعبر عن ذاته بالتعرض لما أثر فيها وكونها كما فعل مارتن سكورسيزى في معظم أفلامه ومنها على سبيل المثال الشوارع. هذه الأمثلة السابقة ليست الوحيدة بالتأكيد التي يمكن الاستدلال بها على طرق التعبير عن الذات سينمائياً، ولكن اختيارها يأتي بسبب انتمائها لمدرسة سينمائية هامة هي مدرسة الواقعية، فبالنسبة لفيللينى وأنطونيونى الإيطاليان فهما من رواد مدرسة الواقعية الإيطالية كما هو معروف، ولا يعنى ذلك أنهما سعيا لنقل الواقع تماماً كما هو لأن كاميرا السينما ليست محايدة وانما تخضع لرؤية من يحركها، وبالتالى فقد نقلا واقع ذواتهما، وكانت الأجواء السينمائية في إيطاليا متناغمة مع ذلك الأمر بحكم أن السينما الإيطالية في تلك الفترة (الستينات) اصطبغت بشكل عام بأفلام مدرسة الواقعية، ولكن في الولايات المتحدة عندما حان موعد ظهور مخرجين أمريكيين متأثرين بها في بداية السبعينات لم تكن الأجواء السينمائية الهوليودية تسمح بالتمرد على قواعدها العتيدة بشكل جامح يصل للحديث عن الذات بشكل مباشر، ولذا جاءت أفلام هذه المرحلة معبرة عن ما شاهدته الذات مثلما حدث مع سكورسيزى.
وبناء على ذلك، وبحكم انتماء المخرج الأمريكى ذو الأصول الإيطالية فرانسيس فورد كوبولا إلى تلك الحقبة (يعتبر مع سكورسيزى و وودى الآن روادها في الولايات المتحدة)، جاء فيلمه الأهم العراب معبراً عن ما شاهدته ذاته، ولكنه يختلف عن بقية أفلام تلك المرحلة في أن الثلاثية بشكل لاواعى قد عبرت عن ذاته فعلياً كشخص أمريكى من أصل إيطالى، وليس المعنى هنا أن كوبولا هو أحد أبطال الفيلم (وهو ما يندرج صراحة على كاتب الثلاثية ماريو بوتزو)، ولكن المغزى من وراء الثلاثية هو ما عبر عنه.
اعتماداً على الافتراض السابق كتبت المقالات الثلاث كمحاولة لقراءة تلك الثلاثية التي لن يمل شخص طبيعى من محاولة قراءتها.

The Godfather




بعد 11 دقيقة من بداية الفيلم يدخل إلى حفل الزفاف مايكل كورليونى/آل باتشينو وهو مرتدياً بذلة عسكرية وبصحبته فتاة شقراء هي كاى/دايان كيتون، منظرهما يبدو غريباً وسط الرجال أصحاب الملابس السوداء الإيطالية، والفتيات خمريات اللون سوداوات الشعر، موطن الغرابة هنا لا ينبع فقط من منظرهما وإنما لأننا شاهدنا في العشر دقائق السابقة كيف يتعامل أصحاب الأزياء الإيطالية مع أصحاب الملابس الرسمية، فالدون فيتو كورليونى/مارلون براندو يوكل بمهمة لنائب في الكونجرس، وابنه الأكبر سونى/جيمس كين يضرب مصور تابع للمباحث الفيدرالية ويحطم كاميرته ثم يلقى له بثمنها، مما يعنى أن العائلة تتعامل مع الرموز السياسية التي تشكل قمة هرم منظومة القيم الأمريكية باحتقار وتعالى، كما تفرض قانونها الخاص عليها.


عند العلم بأن صاحب البذلة العسكرية هنا هو الابن الأصغر للدون فيتو كورليونى تكتمل الدهشة، ولكنها تزول تدريجياً عندما يعلن مايكل لصديقته كاى عن طبيعة نشاط عائلته وأنه ليس جزءً منها، هذا الإعلان يشير إلى رغبة مايكل في الانتماء والانخراط التام في منظومة القيم الأمريكية التي تقوم على مفاهيم الأنانية والفردية والابتعاد عن مفهوم الانتماء للعائلة، مايكل هنا هو ذلك الأمريكى الإيطالى الذي ينبهر بالحلم الأمريكى، ويؤمن به إيماناً شبه مطلق، وكل معطيات شخصيته تشير لذلك.
مع تطور الأحداث نصل لنقطة محورية فيها وهى محاولة الإغتيال الفاشلة للدون فيتو، محورية تلك النقطة لا تقتصر فقط على مستوى دراما الفيلم وإنما تمتد للبعد الفكرى المطروح هنا والمتعلق بإيمان مايكل بالحلم الأمريكى، هذا الإيمان ينهار ويتلاشى تماماً عند اصطدامه شخصياً بإحدى قمم منظومة القيم الأمريكية والمتمثلة في الضابط الفاسد ماكلاسكى، فهو إثبات أن الحلم الأمريكى ليس على تلك الدرجة من النقاء، كما أنه يتعارض مع انتماءه للعائلة، فهذا الضابط كان يسعى فعلياً لقتل والده، ومن هذه اللحظة يبدأ الصراع الداخلى لدى مايكل ليعبر عن ازدواجية انتمائه ما بين كونه إيطالياً وأمريكياً في الوقت ذاته، ومن ملامح إحكام بناء شخصية مايكل هنا أنه كان صادقاً في الانتمائين، فهو عندما انتقل إلى صقلية أحب أبولونيا حباً حقيقياً كحبه لكاى تماماً، ولكننا نفهم من الأحداث أن درجة حبه لأبولونيا كانت أقوى، لأنه لم يخجل بالتصريح بحبها بعكس ما حدث مع كاى في بداية الفيلم، كما أنها قد تمكنت فعلياً من جعله ينسى كاى تماماً ولا يفكر فيها إلا بعد قتلها خطأً.
وبالعودة للافتراض الذي وضعناه سابقاً عن أن فرانسيس فورد كوبولا المخرج الأمريكى من أصل إيطالى كان يسعى ولو بشكل لاواعى للتعبير عن ذاته سينمائياً عبر هذا الفيلم، نجد أن كوبولا المخرج الشاب الواعد وقتها يعكس في ثانى فيلم يمكن أن نطلق عليه كلمة "فيلم لكوبولا" (ليس ثانى أفلامه فعلياً ولكنه الثانى الذي يحمل بصمته بالكامل) معاناته الشخصية في صراعه بين منظومة القيم التي تربى عليها داخل العائلة الإيطالية، وآماله المعلقة بالحلم الأمريكي القائم على منظومة قيم مخالفة لتلك التي عرفها في العائلة، قيم تمجد من فكرة الأنانية والفردية كأسلوب لتحقيق الذات مع إهمال الآخرين جميعاً، ومن الواضح أن كوبولا كان لديه الميل للانتصار لقيم العائلة، وهو ما يبدو واضحاً بشدة في ميل مايكل الواضح لأبولونيا، كما يمكن استنتاجه من قراءة أسماء العاملين في الفيلم المنتمين لعائلة كوبولا.

The Godfather II


اللقطة الأولى من الفيلم لمايكل كورليونى وهو يجلس في إضاءة خافتة تقترب من الإظلام، جلسته توحى بعظمة وعينيه توحى بخواء داخلى سببه غير مفهوم بعد، اللقطة التالية مباشرة نرى فيها جنازة بصقلية، وتكتب على الشاشة جمل تلخص حياة الطفل فيتو كورليونى، تبدأ بعدها تتابعات قصة فيتو الصغير، أهمية التناقض بين اللقطتين السابقتين لا يرجع فقط إلى تأسيسهما المبدأى للأسلوب السردى الذي سيسير عليه الفيلم، بل يعطى انطباعاً عاماً عن طبيعة القصتين اللتين نشاهدهما بالتوازى، وهما قصة مايكل وفيتو الشاب، اللقطة الأولى لمايكل داخلية مظلمة، بينما اللقطة الأولى لفيتو نهارية تصطبغ بألوان دافئة، هذان الاطاران البصريان المتناقضان يستمران في القصتين طوال أحداث الفيلم لتصل بك للنقطة التي سعى فرانسيس فورد كوبولا لها، وهى أن حياة الدون فيتو كورليونى حياة حميمية مليئة
بالدفء، في مقابل حياة مايكل الباردة والمظلمة، ولكن لماذا كل من هاتين الحياتين على هذا الشكل؟


إجابة هذا السؤال في الأساس غير مطلوبة أثناء المشاهدة، فالسينما الحقيقية هي التي تقدم الاستمتاع أولاً، ويكفى تحقيق تلك الحالة من اللذة الانسانية عند مشاهدة اغتيالات مايكل لخصومه في النهاية، أو رؤية فيتو وهو يخرج أحشاء الدون تشي تشى الذي قتل أسرته منذ أكثر من عقد، وهى لذة غير دموية وإنما لذة ذكورية أكثر، تتعلق بالرغبة في فرض قوانين الذات على الآخرين جميعاً بما في ذلك العقاب الذي قد يصل لحد القتل، والاكتفاء بذلك لا ينتقص أبداً من قدر الفيلم، ولكن هناك نظرة أعمق وراء سير الأحداث المتوازى المتناقض في الوقت ذاته، فالتناقض في صناعة الاطار البصرى الذي ذكرناه سابقاً يعكس بالتالى التناقض في طبيعة القصتين، والذى يمكن اختصاره بأن قصة فيتو تشهد صعوداً درامياً للبطل بينما قصة مايكل تشهد سقوطه درامياً، والسقوط والصعود هنا رهن برؤية المخرج كوبولا بمنظومة القيم لدى المجتمع الأمريكى، كما ذكرنا سابقاً، فالمجتمع الأمريكى يؤكد على قيمة الفردية والأنانية في التعامل، حيث يسعى الفرد لتحقيق ذاته دون اهتمام بالآخرين، وهو ما يسعى الجزء الأمريكى في مايكل له، حيث يفقد صلته بعائلته تدريجياً، ومع كل تتابع نشاهد فيه ابتعاد مايكل عن عائلته نرى على الجانب الآخر في تتابعات قصة فيتو كيف أنه يقترب من عائلته أكثر، شاهد على سبيل المثال التتابع الذي يتخلص فيه فيتو من الدون فانوتشى، في نهاية هذا التتابع يجلس فيتو مع أسرته الصغيرة ويداعب مايكل الطفل أثناء احتفال دينى ضخم، الألوان هنا على كثرتها دافئة توحى بالحميمية، يتلو ذلك إظلام تام وصمت قصير، ثم الانتقال لتتابع مايكل لنجده في حديقة منزله الخالية إلا من الثلج وسيارة ابنه اللعبة الخالية أيضاً، فدخول مايكل للمنزل حيث يجد زوجته تحيك ثوباً ما وهى صامتة، ثم ينتهى هذا التتابع بتوجهه لأمه كى يسألها إذا ما كان مقصراً في حق عائلته أم لا، هذا التتابع تغلب عليه الألوان الباردة مع الأسود والصمت الكئيب، يؤكد على هذه الفكرة التتابع الأخير من القصتين حين يطلب فيتو من مايكل الصغير أن يودع العائلة في صقلية، ثم نجد في تتابع قصة مايكل كيف أنه أعطى الأمر بالتخلص من أخيه فريدو، كعلامة أخيرة على قطع آخر صلاته بالعائلة، وانتصار الأنانية الأمريكية في مايكل على قيمة العائلة المفتقدة لديه (لاحظ هنا أن المشهد التالى كان إعلان مايكل عن الالتحاق بالجيش الأمريكى كأول علامات الرغبة في الابتعاد عن العائلة).


يمكن إذن اعتبار أن كوبولا في هذا الفيلم كان ما يزال يعانى ذات الصراع الذي عانى منه مايكل، ولكنه بدأ في الاحساس بتورطه داخل منظومة القيم الأمريكية، ولهذا فهو أيضاً يفرض على مشاهد فيتو مسحة من الحنين إلى الماضى يفتقدها هو شخصياً، ويتأكد ذلك عندما نعرف أن المشهد الذي أعطى فيه فيتو كورليونى المال للدون فانوتشى كان والد كوبولا شاهداً عليه، وأكثر من ذلك أنه ظهر بالفعل ليعزف الموسيقى (والد كوبولا هو الموسيقى كارمن كوبولا) في نسخة الفيديو من هذه الثلاثية، وبالتالى يأتي هذا الجزء في مستوى لا يقل أبداً عن الجزء السابق، ولكن نتيجة هذا الصراع لدى كوبولا شخصياً ظهرت كأوضح ما يكون في الجزء التالى.

The Godfather III



ربما لا يتم التعامل مع ظروف صناعة الفيلم أو التعرض لها أثناء الكتابة عنه، وذلك بحكم أن ظروف الصناعة غالباً لا تتدخل في جماليات الفيلم، كما أنها ليست حكماً على كيفية ظهوره، وكمثال فعند الإطلاع على ظروف صناعة الجزأين السابقين من العراب ستتولد حتما دهشة كبيرة من كيفية خروج الفيلمين على هذا المستوى بالرغم من الإحباطات الكثيرة التي صاحبت ظروف الصناعة وخاصة في الجزء الأول الذي تعاملت معه شركة باراماونت على أنه فيلم درجة ثانية ولم توفر للمخرج فرانسيس فورد كوبولا كل ما أراده، ووضعت في وجهه العديد من العثرات حتى فوجئت بالنجاح الجماهيري الغير متوقع للفيلم، ولكن الجزء الثالث من تلك الثلاثية السينمائية الهامة على أكثر من مستوى لابد من الحديث عن ظروف صناعته لأنها أثرت بشكل مباشر على جماليات الفيلم وكيفية ظهوره.
القصة باختصار أن المخرج فرانسيس فورد كوبولا كانت لديه التزامات مالية لابد من سدادها وهو لا يملك ذلك، وكان الإنقاذ الوحيد يتمثل في صناعة فيلم ضخم يضمن تحقيق إيرادات عالية تنقذ الشركة من الإفلاس، وأي فيلم يضمن كوبولا تحقيقه هذا الأثر سوى جزء ثالث من الفيلم الناجح العراب؟، بدأ كوبولا الإعداد للفيلم، وطلب من آل باتشينو الاستعداد له، ولكن آل طالب برفع أجره قليلاً، وبالطبع لم يوافق كوبولا على ذلك، وبسبب حاجته لتحقيق جزء ثالث من الفيلم شرع في كتابة سيناريو جديد يبدأ بمشهد لجنازة مايكل كورليونى فيما يشير لاستغنائه عن آل باتشينو، وهو ما اضطر آل لقبول الدور بالأجر الذي حدده كوبولا في البداية، وتم تحقيق الفيلم كما شاهدناه جميعاً، إلى هنا تنتهي هذه القصة.
قد يظن هنا أن التعجل في صناعة الفيلم هو ما أدى لوجود تلك العيوب البارزة التي لا يستطيع أحد إنكارها، على سبيل المثال هناك أزمة في بناء شخصية مايكل كورليونى في هذا الفيلم، فبغض النظر عن أن مايكل كورليونى هو انعكاس لزعماء مافيا حقيقيين مثل فرانك كاستيللو ولاكى لوسى ما كانوا ليسمحوا أبداً لطليقاتهم بالزواج من آخرين، فإن بناء شخصية مايكل في الجزأين السابقين وحده يمنع ذلك، ناهيك عن التهاون في حق الاحتفاظ بأبناءه، وعلى أية حال ليست هذه الأزمة الوحيدة في سيناريو هذا الفيلم، وإنما هناك أيضاً شخصية الدون ألتابيلو، والذى يفترض أنه الأب الروحى لأبناء فيتو بمن فيهم مايكل، وله مكانة شرفية هائلة كما نفهم، فهل ظهر هكذا فجأة كأنه لم يكن موجوداً قبل ذلك؟، كان يمكن ابتكار شخصية أخرى تمثل الخيانة العائلية في هذا الجزء بشكل أفضل (تذكر كارلو وفريدو في الجزأين السابقين على التوالى)، أيضاً هناك التكرار الساذج لمراحل انتقال السلطة من مايكل إلى فينشينزو مثلما انتقلت من فيتو إلى مايكل قبل ذلك، فالجمل الحوارية التي ارتقى بها البعض ليصفها كجمل تشرح كيفية التعامل مع الحياة في الجزأين السابقين ستجدها هنا مكررة بشكل مطول وفاضح بلا أي معاني خفية، وهو ما يدفعنا مباشرة للكوارث الإخراجية في هذا الفيلم، فهو لم يتمكن من صنع مشهد كامل يمكن أن تطلق عليه كلمة "مؤثر" مثل مشهد اغتيال سالوتزو أو التعميد في الجزء الأول، ومشهد اغتيال الدون فانوتشى أو حفلة رأس السنة في الجزء الثاني، ولا داعي لذكر مشهد النهاية هنا باعتباره مشهداً "مؤثراً"، فالانفعالات المسرحية المبالغ فيه كانت كفيلة وحدها بتشويه الكادر، بالإضافة لعدم تلائم انفعال مايكل كورليونى مع شخصيته وهو ما سيعيدنا ثانية لنقطة ضعف السيناريو.



كذلك هناك مشكلة أخرى أهم كثيراًُ من كل ما سبق، فالفيلم بجزأيه كان يسعى لإيجاد حالة نفسية في الأساس تعتمد على التوحد مع البطل، والتوحد في السينما يعتمد في جزء منه على شخصية الممثل ذاته وما يتمتع به من كاريزما، لذلك لم توجد مشاكل في انتقال السلطة من مارلون براندو إلى آل باتشينو لأن كليهما يملك تلك الكاريزما بالإضافة لتمكنه من أدواته التمثيلية، ولكن ذلك لم يحدث في هذا الجزء بفضل الاختيار الخاطئ للممثل صاحب الوجه المبتسم دائماً آندى جارسيا، والذى زادت ابتسامته في هذا الفيلم إلى حد الضحك أحياناً وكأنه يعبر عن سعادته بالاشتراك في الثلاثية.



الخلاصة إذن أن هذا التعجل في تحقيق الفيلم، والدوافع المادية وراءه تضع أمامنا الفرض الذي وضعناه من البداية بأن كوبولا يعبر عن ذاته في هذه الثلاثية، فالجزءان السابقان كانا ينتهيان باستمرار الصراع بين منظومة القيم الأمريكية الداعمة للفردية والأنانية وبين مفهوم العائلة، وهو الصراع الذي يعانيه كوبولا باعتباره أمريكى إيطالى، ولكن هذا الجزء يشهد انتصار منظومة القيم الأمريكية على فكرة العائلة، وهو ما ينعكس بالضرورة وفقاً لافتراضنا الأول على كوبولا الذي حقق فيلماً لا يهدف من وراءه إلا لإنقاذ ذاته وجمع مبلغ ما ليتجنب الافلاس والمشاكل المادية، مثله في ذلك مثل أي رجل أعمال أمريكي، لا يهتم كثيراً بالعائد الحقيقي من فائدة أو متعة على جمهوره بقدر ما يهمه تحقيق أكبر مكسب ذاتي.

أحمد بدوى

------------------------------------------------------
------------------------------------------------------
ملحوظات جانبية:

-لعدم تمكنى أو معرفتى حتى الآن من كيفية الكتابة بالإنجليزية وسط نص بالعربية على البلوج، فقد اضطررت فى المقدمة لترجمة أسماء بعض الأفلام للعربية، وهذه هى عناوينها الإنجليزية لمن يريد البحث عنها ومشاهدتها:


ثمانية ونصف

Eight & Half


إنفجار

Blow UP


الشوارع

Mean Streets

-شكر خاص لصديقى العزيز أحمد الكاس الذى بسببه تمكنت من نشر هذه التدوينة (ماكنتش عارف أعمل أبلود للصور وهو اللى عرفنى طريقة سحرية لعملها)
------------------------------------------------------------------------------------------------

ع الهامش: عارف ان بقالى شهرين بالظبط ماكتبتش أى تدوينة على الاطلاق، ده ماكنش بمزاجى، أنا فعلاً كنت عايز أكتب لكن اللى منعنى التعذيب اللى شفته، التعذيب ده ماكنش فى الشغل اللى الواحد بيضطر يتعامل فيه مع مرضى نفسيين أحياناً، ولا كان فى اطار صحابى اللى بقيت متعود على ندالة بعضهم، ولا كان عذابى مع أذواق العمال اللى بيشطبوا شقتى وتصميمهم انى ماحطش بلاط أزرق عشان الأزرق غامق، ولا حتى فى مكان من إياهم اللى ورا الشمس اللهم احفظنا، التعذيب كان أشد من كده بكتير، انا اتحرمت من الكومبيوتر أسبوع كامل، المشكلة ان فى الأسبوع ده كانت بتجيلى أفكار بالهبل وكلها ماينفعش أعملها إلا إذا كان الكومبيوتر قدامى وشغال، وبمجرد ما طورت الكومبيوتر فوجئت ان الأفكار دى ولا حاجة منها فى دماغى، راحت فين لحد دلوقتى ماعرفش، بس البركة بقى فى العراب هو اللى رجعنى تانى للتدوين، مش بس للتدوين، ده انا باحس أحيانا انه بيرجعنى للحياة.

أحمد بدوى

6 comments:

Ahmed Elkas said...

مبروك الرجوع للتدوين يابو حميد وموضوع الصور اللى انت عملته مش سحرى ولا حاجة بس انت عارف الشعب المصرى برع فى علم الفهلوة وسبق اقرانه من الدول بالاف السنين فى العلم ده

Ahmed Elkas said...

صحيح نسيت اعلق اساسا على البوست نفسه وعموما التحليل انت عارفنى مش خبير فى السينما ومش هفقع واكلمك فى مجالى واقولك الخط بتاع البوست اريال بس هقولك انك قربت تاخد العراب حقن

Anonymous said...

أنا بصراحة يا صديقي ماقدرش أتكلم عن الفيلم بأجزائه لأني في الواقع ماتفرجتش عليه..لكن اللي ممكن أتكلم عليه هو تحليلك ليه برغم اني مش خبير برضه، بس أقدر أقول إن أقل وصف ممكن يوصف بيه التحليل ده إنه تحليل ناتج عن فهم و عن دراسة..و أعتقد يابو حميد ان حبك للسينما و اهتمامك بيها هايخليني أفكر في بعض الأمور هاقوللك عليها في حينها!!

Anonymous said...

عندما يكون الفيلم بحجم العراب..ويكون المحلل بقدرات احمد بدوي..ويكون التحليل هو الثاني بعد دراسة أفضل للفيلم..فلابد أن يكون الناتج على هذا المستوى من الروعة..بجد تحليل أكثر من رائع

mohamedgalal11 said...

شوف يا احمد انا شوفت الجزء الاول فقط من الفيلم و هو يستاهل انك فعلا تحبه و تهتم بيه
و الواضح انك فعلا فاهم الفيلم و متمكن من ادوات التحليل و النقد

ربنا يوفقك يا بنى و يديك على قد ........ولا بلاش عشان سوداء و مهببة ابقى املأ النقط براحتك

Amr said...

بردو مشفتش أي جزء
وبالتالي مش هقدر أعلق باستفاضة يعني، عموما مبروك عودتك للتدوين