Friday, January 26, 2007

Taxi Driver



أوراق ناطقة

كثيراً ما نقف في حياتنا عند أيام معينة نريد أن ندون شيئاً ما هاما يحدث بها، أو تأتينا خطابات من شخص ما نحتفظ بها وربما نعلقها على الجدران، وربما نفعل هذا لشعورنا بمدى أن تلك الأوراق التى نحتفظ بها تشكل فارقاً هاماً في حياتنا، ولكن إلى أى مدى قد يصل هذا الفارق؟ هل تلك الأوراق قادرة على أن تجعلنا نتخذ القرارات الصحيحة الفارقة دائما؟ لست منتظراً لإجابتكم على أية حال، تكفينى الإجابة التى أحصل عليها من "ترافيس/روبرت دى نيرو" في فيلم مارتن سكورسيزى "سائق التاكسى"، فالتدوينات الغير منتظمة التى يرويها "ترافيس" عبر شريط الصوت وتنقل مكتوبة عبر شريط الصورة قد تبدو مدونات عادية لشخص بسيط يشعر بمدى عفونة وفساد مجتمعه بالإضافة لإصابته بتلك الحالة من الانعزالية، والتى تبدو كأمر منطقى يدفعه للارتباط بالأوراق والتدوين كوسيلة للتعبير عن الذات، حتى تلك التدوينة الأخيرة التى يقول فيها أنه قرر تغيير حياته لكى يجعل لها قيمة ما، حيث أنه يعترف أمام ذاته بأن ما مضى منها لم يكن ذا قيمة على الإطلاق، وبالتزامن مع تلك التدوينات نرى المقدمات التى دفعت "ترافيس" لكتابتها عبر الأشخاص الذين يستقلون معه التاكسى أو يراهم كأشباح وسط الأضواء المبهرة، مرشح للرئاسة، رجل تخونه زوجته، عاهرات، كلهم يشكلون رموزاً مباشرة للدنس الذى يرى "ترافيس" أنه يستوطن في مجتمعه، ولا يتمنى إلا هطول المطر لكى ينظف جميع تلك النفايات، ولكن بالطبع المطر غير قادر على إزاحتها فعلياً، ولابد من اتخاذ إجراء ما معها، هذا ما يتوصل إليه "ترافيس"، وبعد حوارات قصيرة غير ذات جدوى مع رمزى الدنس الأكثر ظهوراً على شريط الفيلم (مرشح الرئاسة والقواد) واللذان يُلاحظ أنهما يمارسان الخداع بشكل أو بآخر ولكن على مستويات مختلفة ومع أناس مختلفة، يقرر اتخاذ الإجراء في مشهد صادم فعلاً، فطوال أحداث الفيلم لا أحد يتوقع كل ذلك العنف والصمود من شخصية "ترافيس" الذى بدا في النهاية كأنه كائن سماوى لا مهمة له سوى تطهير الأرض، ولن يؤثر فيه شئ حتى طلقات الرصاص التى ستخترق عنقه وذراعه، وبعد تنفيذ مهمته ينتهى عصر التدوين، ويبدأ الأثر التحريضى لما فعله في الظهور فيتحول لبطل، ويتأكد ذلك عبر شريط الصوت الذى يلقى على مسامعنا بخطاب من والد العاهرة التى أنقذها، ونرى الخطاب وهو معلق على جدار غرفته إلى جوار قصاصات بعض الصحف التى تتحدث عن بطولته، ثم يأتى المشهد الأخير الذى يؤكد على الرسالة التحريضية في الفيلم حين يحول "ترافيس" مرآة التاكسى لتعكس أضواء المدينة وكأنه يقول أو بمعنى أدق "مارتن سكورسيزى":"هذا دوركم لتفعلوا مثلى".

أحمد بدوى

2 comments:

Anonymous said...

أنا متشكر على تقديرك لفيلمى يا أحمد
(ليلة خميس)
معتز المفتى
moatazalmofti@hotmail.com

Unknown said...

جميل تقديرك لليلة خميس و لكم أتمنى سماع
رأيك فى الأداء
مع خالص تقديري
أكرم كمال -الممثل- أو خميس -